الكون مكان كبير للغاية، نحتل فيه ركنًا صغيرًا جدًا. يعرف باسم «النظام الشمسي – Solar System»، مكاننا المفضل فيه يعد جزءًا صغيرًا ليس من الكون فحسب، بل من مجرتنا «درب التبانة – Milky way». لذا عندما يتعلق الأمر بعالمنا، فإنه بمثابة قطرة ماء في بحر كوني لا نهاية له.
ومع ذلك، لا يزال النظام الشمسي مكانًا كبيرًا جدًا، مليء بنصيبه الكافي من الألغاز. وفي الحقيقة، بدأنا فهم مداه الحقيقي في الماضي القريب نسبيًا. لذا عندما يتعلق الأمر باستكشافه، فيبدو أننا بدأنا فقط بخدش السطح.
الاستكشاف
مع بعض الاستثناءات القليلة جدًا؛ قليل من الناس أو الحضارات قبل عصر علم الفلك الحديث اعترفوا بالنظام الشمسي كما هو. وفي الواقع، فإن الغالبية العظمى من الأنظمة الفلكية طرحت فكرة أن الأرض هي جرم ثابت، وأن جميع الأجسام السماوية المعروفة تدور حولها. بالإضافة إلى ذلك، نظروا إلى أنها تختلف جوهريًا عن الأجسام النجمية الأخرى، والتي اعتبروها أثيريًا أو إلهيًا بطبيعتها.
وعلى الرغم من وجود بعض علماء الفلك اليونانيين والعرب والآسيويين خلال العصور القديمة، وفترة القرون الوسطى الذين اعتقدوا أن الكون مركزي بطبيعته (أي أن الأرض والأجسام الأخرى تدور حول الشمس)، لم يكن حتى «نيكولاس كوبرنيكوس» قد طور نموذجه التنبؤي الرياضي، نظام المركزية في القرن السادس عشر بدأ في الانتشار على نطاق واسع.

خلال القرن السابع عشر، طور علماء مثل «جاليليو غاليلي» و«يوهانس كيبلر» و«إسحاق نيوتن» فهمًا للفيزياء أدى إلى القبول التدريجي بأن الأرض تدور حول الشمس. كما أدى تطور النظريات مثل الجاذبية إلى إدراك أن الكواكب الأخرى تحكمها نفس القوانين الفيزيائية مثل الأرض.
كما أدى الاستخدام الواسع للتلسكوب أيضًا إلى ثورة في علم الفلك. فبعد أن اكتشف جاليليو أقمار المشتري في عام 1610؛ كان «كريستيان هيغنز» على بعد خطوات من اكتشاف أن كوكب زحل لديه أقمار، وذلك عام 1655. وفي الوقت نفسه سيتم اكتشاف كواكب جديدة أيضًا (مثل أورانوس ونبتون)، وكذلك المذنبات (مثل مذنب هالي) وحزام الكويكبات.
بحلول القرن التاسع عشر، أدت 3 ملاحظات قام بها 3 علماء فلك مستقلين إلى تحديد الطبيعة الحقيقية للنظام الشمسي ومكانه في الكون. أولها كان في عام 1839 بواسطة عالم الفلك الألماني «فريدريك بيسل – Friedrich Bessel» الذي نجح في قياس تحول ظاهري في موقع النجم الذي خلقته حركة الأرض حول الشمس «المنظور النجمي – Stellar Parallax». هذا لم يؤكد فقط نموذج مركزية الشمس دون أدنى شك، بل كشف عن المسافة الشاسعة بين الشمس والنجوم.
في عام 1859، استخدم «روبرت بنسن – Robert Bunsen» و«جوستاف كيرشوف – Gustav Kirchhoff» (كيميائي وفيزيائي ألماني) مطيافًا صنع حديثًا آنذاك لفحص البصمة الطيفية للشمس. اكتشفوا أنها كانت تتألف من نفس العناصر الموجودة على الأرض، مما يثبت أن الأرض والسماء تتكون من نفس العناصر.

ثم قارن الأب «أنجيلو سيكي – Angelo Secchi»، وهو عالم فلك إيطالي ومدير في الجامعة البابوية الجليورية، البصمات الطيفية للشمس مع النجوم الأخرى، ووجدها متطابقة تقريبًا. هذا أظهر بشكل قاطع أن شمسنا كانت تتكون من نفس المواد مثل كل نجم آخر في الكون.
أدت الاختلافات الواضحة الأخرى في مدارات الكواكب الخارجية إلى قيام عالم الفلك الأمريكي «بيرسيفال لويل – Percival Lowell» باستنتاج أن كوكبًا آخر، أشار إليه باسم «Planet – X»، يجب أن يقع خارج نبتون. وبعد وفاته، أجرى مرصد لويل بحثًا أدى في النهاية إلى اكتشاف «كلايد تومبو – Clyde Tombaugh» بلوتو في عام 1930.
أيضًا في عام 1992، اكتشف علماء الفلك «ديفيد سي جيويت – David C. Jewitt» من جامعة هاواي و«جين لو – Jane Luu» من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا الجسم (Trans-Neptunian Object – (TNO المعروفة باسم (15760) 1992 QB1. وهذا يثبت أنه أول مجتمع جديد، يعرف باسم «حزام كويبر- Kuiper Belt»، والذي كان علماء الفلك قد توقعوه بالفعل على حافة النظام الشمسي.
سيؤدي المزيد من البحث في حزام كويبر بحلول نهاية القرن إلى اكتشافات إضافية. سيؤدي اكتشاف «إريس – Eris» وغيره من الكوكيبات (plutoids) من قبل كل من «مايك براون – Mike Brown» و«تشاد تروجيلو – Chad Trujillo» و«ديفيد رابينوفيتش – David Rabinowitz» وغيرهم من علماء الفلك إلى جدال الكوكب العملاق، حيث سيتم التنافس بين سياسة الاتحاد الفلكي الدولي واتفاقية تسمية الكواكب.